مصطفى أشبال
ولد من موت .. نعم إنه حراك الريف الذي ولد دقائق فقط بعد مقتل الشهيد محسن فكري الذي فارق الحياة داخل شاحنة للأزبال بالحسيمة أثناء محاولته استرجاع أسماكه التي صودرت منه من طرف المخزن قبل الرمي بها في ذات الشاحنة ، وأكيد أن فاجعة مقتل شهيد لقمة العيش الريفي شكلت صدمة واسعة بالحسيمة بصفة خاصة وبالريف بصفة عامة لكن كانت هذا الحدث مجرد نقطة التي أفاضت الكأس وأخرجت مئات الألاف من الحناجر الى الشارع الريفي لرفع شعار لا للحكرة قبل أن أن يتوسع الحراك الى مختلف المدن المغربية والعالمية وسط تتبع اعلامي واسع محلي ، وطني ودولي
نعم إنه الحراك الذي ولد تزامنا مع وفاة أحدهم فتوسع وملأ الدنيا صراخا لا للحكرة لا للفساد لا للتهميش لا للعسكرة والقائمة جد طويلة من بين ما يتعلق بالسياسة الممنهجة من طرف الدولة في حق الريف ومن بين ما يتعلق بالملف المطلبي الذي استطاع الحراك الخروج به بعد مشاورات واسعة والتي تشمل مطالب في مختلف المجالات
نعم إنه الحراك الذي قرر أن يحيا ، ولم يستطع المخزن إنهائه ونسفه رغم تشخيره لمختلف الوسائل الاعلامية إلى جانب تسخيره للواقي الجنسي الذي يستعمله لاغتصاب أحلام وطموح وإرادة أبناء الشعب ، الواقي المتمثل في رجال الدين والسياسيين ومختلف المؤسسات والجماعات من أبواق المخزن ، وتعرض الحراك بالريف لهجمة شرسة وواسعة وسط توجيه له اتهامات وتحوينه وكذا سخرت الدولة م أجهزتها مرات عدة لمحاصرة الحراك إضافة الى ما تعرض له الحراك من مضايقات من طرف بلطجية في عدد من المناطق وتعرض خلالها نطاء الحراك لمحاولات اعتداء والتصفية الجسدية دون تلفيق تهم لبعضهم في محاولة لزرع الخوف ونسف الحراك ، إلا أن الحراك كان أقوى ومازال مستمرا ويتوسع
نعم إنه الحراك الذي أنجب ناصر الزفزافي الى جانب عدد من النشطاء الأحرار الذين استطاعوا الحفاظ على الحراك لنصف سنة وقد يستمر لسنوات ، حيث أقسم النشطاء ألا تكف حناجر المحتجون الى حين استجابة الدولة لملفهم المطلبي
نعم إنه الشعب الريفي الذي استطاع إخراج عامل الاقليم إخراج عامل الحسيمة ووكيل الملك في وقت متأخر من الليل بعد فترة قصيرة من مقتل الشهيد فكري للتواصل مع المحتجين ومحاولة تهدئة الوضع إنه الشعب الذي استطاع إجبار كبار المسؤولين من التنقل الى الحسيمة مرارا وتكرارا في محاولة لتلطيف الأجواء وأخرهم وليس أخرهم والي الجهة الذي تنقل مرات عدة في شوارع وأزقة بالحسيمة للتواصل مع أفراد ومجموعات .. إلا أن رد نشطاء الحراك كان واضحا ألا وهو أن الحل الوحيد هو التعامل بجدية مع ملف المطلب وتحقيقه
نعم إنه الشعب الريفي الذي تسبب في متابعة عدد من المسؤولين وكذا إعفاء عدد منهم من ضمنهم عامل الاقليم ، في خطوة لمحاولة إرضاء المحتجين ووضع حد للخرجات النضالية إلا أن الحراك كان واعيا بأن المشكل أكبر وأوسع من هذا وأن الحل أكبر من مجرد إعفاء عدد من الأفراد وتقديمهم ككبش فداء للحفاظ على المصالح الكبرى للدولة
نعم إنه الحراك الذي أفزع كبار مسؤولي الدولة وأبهر في الان ذاته العالم بنظام وقفاته ومسيراته الاحتجاجية السلمية ، والتي اعتمدت على الصوت واللافتات .. كسلاح لها وكان رصيدها هو العزيمة والارادة في العيش الكريم والحد من الحكرة والظلم
نعم إنه حراك الريف الذي لم أستطع تلخيصه في سطوري هذه إنه الشعب الريفي الذي لم أستطع وصف بشكل كامل بحروفي هذه .. حيث أن كل ما كتبته وأشرت إليه مجرد جزء صغير من سيرة الحراك