بعث شقيق يوسف الحمديوي المعتقل على خلفية الحراك الشعبي بالريف ، رسالة مؤثرة إلى أخته « نجوى » بمناسبة حفل زفافها بعد غياب شقيقهما عن حضور الحفل مستحضرا نصيحته لشقيقته « لا تجعلوا اعتقالي سببا في تعكير أجواء الفرح التي يجب أن تظهر في حفل زواج أختي.. »،ويجدر بالذكر أن هذه الرسالة لقيت تفاعلا كبيرا في مواقع التواصل الاجتماعي و جعلت الرأي العام الريفي يزيد من استيائه جراء الاعتقالات الممنهجة ضد نشطاء الحراك العشبي بالريف .
الرسالة كاملة
ويغيب يوسف عن حفل زواج أخته..
عزيزتي نجوى، أبارك لك من كل قلبي مناسبة زواجك، وأن يجعلها العلي القدير مناسبة هناء وسعادة، هذه المناسبة التي كنت تنتظرينها منذ أن وعيت بأن تصبحي « أمّا » وأن تكوني زوجة لحبيب كان حلمه ان يكون « أبا » صالحا، وأتمناه أن يكون كذلك، وكانت فرحة تكبر كل يوم مع موعد حفل الزواج منذ تاريخ عقد القران..توالت الأيام وكبر الفرح، وحدد تاريخ حفل الزواج، وشاءت الأقدار أن يثقب بالون الفرح ذاك، بإبرة وخزت قلوبنا ودخلت عميقا باعتقال « يوسف » الأخ الأكبر..
عزيزتي نجوى، كتبت هذه التدوينة على عجل، في نفس اليوم الذي كنا نستعد فيه لاستقبال المدعويين للحضور، والإعداد لكل ما يلزم ليمر كل شيء في أجواء عادية، هذه الأجواء التي شاء الفاعلون والحاقدون على أن لا تمر عادية بالمطلق، ورغم ذلك، فإن نصيحة يوسف كانت دائما كما يقول: « لا تجعلوا اعتقالي سببا في تعكير أجواء الفرح التي يجب أن تظهر في حفل زواج أختي.. »
قبل يومين اكتشفت اسم عكاشة على هاتفي، بعد أن فوتت اتصالا ليوسف، حين كنت في جنازة الجدة « يما خدّوج » جدة حبيبة قلبي، التي وافتها المنية يوم الثلاثاء من هذا الأسبوع، وكنت رغم ذلك أوفق بين مراسيم العزاء ومسؤولتي في الإعداد للزيارة التي انطلقت في نفس اليوم من مراسيم الدفن، حاولت جاهدا أن أجعل الكل « على خاطرو »، أن تسير الأمور بالنظام الذي فرضناه والذي جعل الأمور تسير بخير وسلام لحد الساعة رغم كل المجهودات التي يقوم بها « الأحبة وأصحاب الحال » لتتوقف العجلة عن السير ليس إلا.
جاءت حفلة الزواج، وحل موعدها في حينه، رغم الإحساس الذي يراودني بأنه جاء قبل الموعد، كأن شيئا ما يجعلنا نمدد تاريخه، أصبح الإحساس بالزمن عندنا بمفهوم آخر، انحبست الأيام وتاه ترتيبها ولم نعد نعرف وندرك في أي يوم نحن، لولا يوم الزيارة الذي يصفعنا كل أسبوع، ويذكرنا بأن قبله أيام وبعد أيام، لكننا لا نتذكرها ولا نعرف ترتيبها..
عزيزتي، لا أريد أن يكون حفل زواجك، ناقصا من أي شيء، من كل مظاهر الفرحة، رغم أنني أدرك وأعي جيدا بأنها لن تكون بنفس الطعم، لو حضر يوسف بجوارك، ويحمل إليك الحناء يوم زواجك، ويمازحك أو يعاكسك من أجل أن يغيضك، ليتلذذ بردة فعلك العفوية، لتكتشفي فيما بعد بأنك كنت ضحية مزحة يتقنها معك بالخصوص ثم تبتسمين له متوعدة بأن تنتقمي..
أريد أن يمر كل شيء كما شئنا، نريد أن نغرق الحاقدين بغيضهم، ونكون عند حسن استقبال الحاضرين المدعويين منهم وغير المدعويين، أريد أن تبدو الحناء على كفيك ساطعة بنور الشمس تعمي عيونهم، اريد أن تبدو الأجمل والأنصع، أريد أن يرفرف وشاح أمك في السماء عاليا، رمزا للحب والسلام، رمزا للقوة وتحدي كل منغصات الحياة التي تقتلنا ليلا وتسير في جنازتنا نهارا.. اريد أن يكون يوم عرسك هذا يوما للتحدي يوما لانتصار العزيمة على الحقد والضغينة، أريده أن يكون رمزا لحبنا للحياة وإقبالنا عليها بالقدر الذي نستعد فيه لمنحها من أجل أن نعيش بكرامة بعيدا عن مظاهر الذل والخنوع..
عزيزتي نجوى، لا تقرئي تدوينتي هاته، وأعرف أنها ستصلك، وإن وصلتك، لا أريد أن تذرفي أية دمعة حزنا على غياب « يوسف » عن الحضور، فإني أعلم جيدا بأنه سيغمض عينيه، وسيحضر معنا، ويستحضر في عالمه من داخل أسوار السجن، كل الوجوه الحاضرة وكل مراسيم الحفلة من ألفها إلى يائها.. ورغم غيابه فإن اسمه سيكون حاضرا في شخص ابني « يوسف الحمديوي »، فاجعلوا من ابني يوسف يوسفكم بعد أن جعلتُ اسمه « يوسف » تيمنا بأن يكون ذكيا شجاعا وخلوقا مثله، وبعد أن غيبوه عنا غصبا وظلما، فقد شاءت الأقدار بأن يكون حاضرا حبا وسلاما..
زواجك مبارك سعيد، وأدام الله بينكما السعادة والألفة والمودة والرحمة.. ألف مبروك