14 عاما بالتمام والكمال مر عن المأساة التي عاشتها الحسيمة ليلة الـ 24 فبراير 2004، حين تحولت عدد من المناطق بالمنطقة كإمزورن و تماسينت و أيتق امرة وفي مركز المدينة… إلى ركام وخراب بفعل هزة أرضية بلغت قوتها 6.5 على سلم ريشتر، مخلفة أزيد من 1000 قتيل، إضافة إلى المئات من المعطوبين و الجرحى و المتشردين.
في ليلة الثلاثاء 24 فبراير 2004، اهتزت الحسيمة، وما جعل هذا الزلزال يكتسب خطورته هو وقته بالتحديد، حيث زمجرت الأرض والناس نيام في الساعة الثانية والنصف من صباح ذلك الثلاثاء، الشي الذي جعل أغلب الضحايا لقون حتفهم محاصرين تحت الانقاض او مختنقين بالغبار الكثيف الذي خلفه انهيار المنازل، واستفحل الامر أكثر بالنظر إلى تأخر أشغال الاثاثة الفورية حتى ساعة متاخرة من نفس اليوم، حيث ظل الامر مقتصرا على مجهودات فردية بوسائل بدائية من سكان المواقع القروية والحضرية المتضررة، وبعض جمعيات المجتمع المدني المحلي التي كثفت جهودها لانقاذ ما استطاعت انقاذه.
عملية الاغاثة الأولية، كانت كفيلة لتحديد المواقع الاكثر تضررا بالمناطق القروية والحضرية المتاخمة لمدينة الحسيمة، وعلى رأسها جماعة أيث قمرة التي سجل بها 203 قتيلا، تليها مدينة امزورن بـ 165 قتيل، ثم الجماعة القروية بني عبد الله التي سجلت وفاة 90 شخصا، وإمرابطن 107 قتيل، و أيت يوسف وعلي 64 قتيلا، وجماعة الرواضي 24 قتيل، في حين تراوح عدد القتلى في الجماعات القروية بين 58 قتيل كأعلى رقم وسجل في قرية ايت داوود وقتيلين كأدنى رقم سجل في قرية ازمورن.
بمجرد انتشار الخبر عبر وسائل الاعلام المحلية والاجنبية سيما بعض صور الدمار والجثث، حتى انتشرت حالة من الهلع المعمم بين سكان مدينة الحسيمة الحسيمة الذي اهتزت بهم الارض بدورهم غير انه لم يسجل بها ضحايا، ولتثبت مئات الخيام في الساحات الفارغة، وكان المأوى الوحيد الذي تكدس فيه أفراد الاسر بالعشرات، حيث قدر أنذاك عدد اللاجئين من مخاطر الهزات الارتدادية بنحو 15 ألف من أصل أزيد من 70 ألف نسمة.
اما في الجماعات والقرى المتضرر التي قضى بها أزيد من 650 قتيل تحت الأنقاض فقد كانت مشاهد جثث الأطفال والنساء والرجال أكثر ترويعا وانتشر بين مئات السكان، الذي قضوا الثلاثة أيام التي أعقبت الهزة العنيفة في العراء، تحت رحمة سماء ممطرة والطقس الشديد البرود في مثهل هذه الفترة من السنة.
ولم يكن أمر تدبير الأيام الأولى للكارثة سهلا بالطريقة التي توقعها البعض أو انتقدها البعض الآخر فكون المنطقة ذات تضاريس غاية في الصعوبة وسط مرتفعات شاهقة ووديان متشعبة اضطرت فرق الإنقاذ أن تبذل جهدا مضاعفا للوصول إلى الدواوير والقرى النائية المتضررة الشيء الذي استدعى فتح جسور جوية تكلفت بتنفيذها القوات المسلحة الملكية والدرك الملكي لنقل الخيام والجرحى والأغطية والمؤونة لمئات العائلات ووالدواوير المنتشرة بين قمم ومنحدرات ووسط مناخ متقلب اتسم بأمطار وبرودة زادت من تأزم الأوضاع بالمنطقة وفي حالة نفسية متدهورة للمحتاجين للمساعدات الذين وصل عددهم إلى ما يناهز 30 ألف رقم ينضاف إلى وضعية المئات من الأسر التي اصيبت بصدمة نفسية حادة استوجبت تدخل أخصائيين وأكثر من 350 مساعدة اجتماعية تابعة للمصالح الاجتماعية للقوات المسلحة الملكية.
وأسندت لمساعدين اجتماعيين مهمة الإعداد النفسي للنساء والأطفال لاسيما وسط هلع وخوف ناجم عن تواصل الهزات الارتدادية التي تجاوزت 70 هزة. فقد انطلق عمل الجهات المسؤولة مرتكزا على ضرورة معالجة الوضع بأسرع وسيلة ممكنة مجندة كافة الوسائل مع ضخ الميزانيات الكافية ودفع كل المتدخلين من حكومة ومؤسسات عمومية إلى جانب شركاء من المجتمع المدني للمساهمة في الحد من تداعيات الزلزال الذي ضرب منطقة الريف.
وبعد مرور 14 عاما على هذه الأحداث التي حاولنا سردها في قالب كرونولوجي مختصر، ما زالت الهيئات المدنية و السياسية بالحسيمة تطالب بتنفيذ البرامج التي تم اطلاقها بعد زيارة الملك للمنطقة أيام الزلزال، ويرى عدد من المهتمين بالشأن المحلي أن تضميد الجراح التي خلفها الزلزال تمت على المستوى الانساني والاجتماعي أكثر مما هو اقتصادي، لاسيما ما يتعلق بإعادة الإعمار و تعويض المتضررين و احداث بدائل اقتصادية تمكن الأفراد والأسر من الدخل القار.
ولا ينكر أحد، حجم المشاريع التنموية التي عرفتها المنطقة بعد الزالزال، خاصة الطرق المؤدية إلى البوادي والمناطق النائية وانفتاح الحسيمة على الناظور وتطوان عبر الطرق الساحلية، غير أن هذه الانجازات تبقى ضعيفة بالنظر إلى حجم المطالب التي يتم ترديدها بالمنطقة منذ الزلزال إلى يومنا هذا بعد بروز “حراك الريف” والاحداث التي توالت بعده.