إن اللغط والشد والجذب الذي رافق افتتاح المستشفى الإقليمي بالدريوش وغيره من مشاريع إعادة التهيئة السابقة…لا يرتبط مطلقا كما يزعم البعض من هذه الجهة أو تلك،بمصلحة الساكنة أو ما شابه.
الحقيقية هي أن ما يجري هو فصل جديد من فصول صراع المصالح والإسترزاق(الذي لم يعد خفيا)بين أطراف: سياسية،مدنية،إدارية…مختلفة الوظائف والإنتماءات والتوجهات…توحدت جُلها على جعل مطالب الساكنة وقودا وأداة لمحاولة كسب الصراع لصالحها.
وبالتالي لا أحد من الأطراف المتصارعة يمثل الساكنة فعلا؛بما في ذلك الذين يتشدقون بالحياد ونظافة اليد وغيرها من الشعارات…
الواقع هو أن الكل يريد حصته من الغنيمة وفقط،ومطالب الساكنة آخر ما يُفَكر فيه!
فالأحزاب بعضها يريد ملء سجله الفارغ من الترافع الجاد والمسؤول والمفتقد لشرعية الإنجاز والميدان،والبعض الآخر منها لا يهمه سوى حسم مسألة جعل المستشفى ورقة انتخابية تمكنه من ضبط إيقاع نشاط هذا المرفق على عقارب مصلحته السياسية.
أما النقابات،فهي تسعى إلى امتلاك هامش من الشرعية الذي سيمكنها من إحكام القبضة على المستشفى داخليا،
و يساعدها على تحييد كل ما يمكن أن يشكل آلية للضغط والمراقبة على نشاط أتباعها،مع الرغبة في الاستفادة من بعض الخدمات الموازية التي يقدمها المرفق كالمقصف مثلا(وهذا دافع قوي لانخراطها في المبادرة الأخيرة).
بمعنى أن هذه الأخيرة تعمل جاهدة على نقل الوضع السابق من المستوصف المركزي إلى المستشفى الجديد!
بالنسبة للجمعيات يلعب بعضها دور التبعية؛إما للأحزاب وإما لبعض النقابات(عن وعي أو عن غير وعي)التي تتولى تحريكها بحسب مصالحها وأهدافها غير البريئة.
أما السلطة فهي كذلك منخرطة في هذا الصراع سواء عبر التوجيه؛بمعنى تحريك الصراع عبر الأطراف الموالية في الاتجاه الذي يخدمها،أو من خلال احتكارها لفضل إنجاز بعض المشاريع(على الرغم من فشل بعضها).
وفي كل الأحوال تبقى هي المستفيد الأول من كل ما يحدث،لأنها نجحت في أن تشتت الكتلة الحزبية والمدنية وجعلتها تنخرط في صراع أفقي استثنت نفسها منه،على الرغم من سعي البعض مؤخرا لإقحامها في ذلك دون جدوى!
يبقى الطرف الوحيد والأوحد الذي تهمه مصلحة الساكنة هو الساكنة المحايدة نفسها،وما دام الأمر كذلك فلا أحقية لأحد بإدعاء تمثيلها أو الغيرة على أوضاعها!
بقلم سفيان حميت