nadorpress

“منفي موكادور” شخصية “القايد حدو” الذي لم ينصفه المؤرخون

n p
.أخبار أريفالأخبار
alt=

نظمت كل من جمعية أمزيان وجمعية الكتاب الأمازيغي بتنسيق مع المديرية الجهوية لوزارة الشباب والثقافة والتواصل -قطاع الثقافة- بجهة الشرق، ومركز أموسيغ للترجمة من وإلى اللغة الأمازيغية، حفل توقيع الرواية التاريخية “منفي موكادور”، مساء يوم السبت 18 يونيو 2022 بمكتبة المركب الثقافي بالناظور، هذا اللقاء الأدبي التاريخي الذي تصادف مع اليوم الوطني للمقاومة، عرف نجاحا كبيرا أمام الحضور النوعي للمهتمين والباحثين والشغوفين للقراءة والاطلاع، وأمام القيمة الأدبية وكذلك التاريخية للكتاب المحتفى به، والذي يعد الإصدار الرابع للكاتب الدكتور امحمد لشقر، ابن مدينة الحسيمة، بعد كتابه الأول “كوربيس؛ “طريقي نحو الحقيقة والصفح” سنة 2010، والذي تمت ترجمته إلى العربية، مرورا بروايته الثانية “على طريق الممانعين” سنة 2015، ثم روايته الثالثة “الحرب لم تكن حربنا” سنة 2018.

إن تقديم رواية “منفي موكادور” وتوقيعه، لهو خطوة تخطوها جمعية الكتاب الأمازيغي التي اتخذت من الكتاب ودعمه هدفا محوريا لها، سعيا إلى خدمة كل ما يتعلق بالأمازيغية لغة وثقافة وتاريخا، في المغرب عموما، وفي الريف على وجه الخصوص. هذا بالإضافة إلى جمعية أمزيان النشيطة والدائمة الحضور في المواعيد الثقافية على مستوى إقليم الناظور.

في بداية اللقاء الذي قام بتسييره الأستاذ عبد الواحد حنو، تناول الكاتب امحمد لشقر الكلمة للتعريف بكتابه “منفي موكادور”، والذي يعتبر رواية تاريخية تنقب في شخصية “القايد حدو” الأسطورية، حيث تعيد بعث شخصية المناضل “القايد حدو” الذي لم ينصفه المؤرخون بتجاهله من جهة أولى، وبتشويه صورته من جهة ثانية في القليل من الكتابات التي تعرضت لشخصه، وجاء الكتاب في 365 صفحة من الحجم الكبير، مقسَّما إلى أربعة وعشرين فصلا ومدعما ببعض الخرائط، وقد أهدى الكاتب هذه الرواية للأسلاف، متمنيا أن يكون قد وفق إلى حد ما في عملية الإيصال والتبليغ وأمله أن يساعد هذا العمل المتواضع في الحفاظ على ذاكرتهم حتى تبقى حية، إنه عمل من أجل الاعتراف بتفانيهم وتضحياتهم وقبل كل شيء بإنسانيتهم وبدون أية خلفيات ضيقة. وقد عرج الدكتور لشقر في مداخلته عن مجموعة من الحيثيات التي واكبها وهو بصدد كتابته لهذه الرواية، كحرصه الشديد على الإلمام بأدق التفاصيل التاريخية المحيطة بشخصية “حدو لكحل”، سواء عن طريق التنقيب والرجوع إلى المراجع المكتوبة على قلتها، أو كذلك عن طريق التقرب إلى المقربين منه، أو أبناء الذين عاصروه سواء في الريف أو في الصويرة المنفى.

إن الحرص الشديد للكاتب على تقديمه لمعلومات تاريخية صحيحة ودقيقة في حبكة روائية لا تخلو من السلاسة في اللغة والأسلوب السردي، لهي عوامل زادت من أهمية هذا العمل الأدبي، مما جعله محط اهتمام من طرف مجموعة من الجامعات والجمعيات المهتمة، والتي سارعت إلى احتضان ملتقيات علمية وأدبية خصيصا لتقديم هذه الرواية (أكادير، مكناس، وجدة، الحسيمة، الناظور، مليلية…).

من جانبه، يرى الدكتور لحبيب لمريض، أستاذ اللغة الإنجليزية بالكلية المتعددة التخصصات بالناظور، أن رواية “منفي موكادور” تدخل في إطار الأدب المابعد كولونيالي، خصوصا وأن أحداثه تعد بمثابة الرد على الكتابات الاستعمارية التي لطالما ساهمت في تشكيل صورة نمطية عن الريف والريفيين، بأنهم قساة همجيون بعيدون عن الحضارة، وذلك في خطوة مشرعنة للاستعمار والهيمنة. كما صنف لحبيب لمريض الكاتب امحمد لشقر، من خلال الرواية المحتفى بها، على أنه من طينة المثقفين المنقِّبين.

وفي مداخلة الدكتور سليمان البغدادي، أستاذ اللغة الفرنسية بالسلك الثانوي، وأستاذ زائر بالكلية المتعددة التخصصات بالناظور، ورئيس مركز أموسيغ للترجمة من وإلى الأمازيغية، قام بمرور فاحص لعتبات النص في صفحة الغلاف الأولى، حيث رأى فيها مثلثا يحمل في كل زاوية من زواياه عنصرا مهما من عناصر الرواية، وهي اسم الكاتب، ثم لوحة الغلاف التي تجسد صورة تاريخية للشخصية الرئيسية للرواية “القائد حدو”، ثم في الزاوية الأخيرة هناك عنوان يحيل على جنس هذا العمل الأدبي (رواية). وبمقاربة هذه العناصر الثلاثة التي تحقق نوعا من الاستباق في تهييء القارئ ليرتبط بالمتن الروائي، عن طريق نسج أسئلة ترابطية بين مكونات هذا المثلث؛ الكاتب، وحقبة من تاريخ الريف، والرواية.

أسئلة تتضح معالمها بعد الخوض في محتويات الرواية والتعرف على التقنيات السردية التي يتكلم فيها الكاتب باسم الشخصية التاريخية “القائد حدو”، الذي يحكي تفاصيلا من أحداث الريف، وهو منفي في الصويرة، أي بعد مرور عقدين من الزمن. وأوضح البغدادي أن تمرير الرسائل بأسلوب سردي، من بين الغايات التي نجح فيها الكاتب، بالإضافة إلى إحيائه لشخصية “حدو لكحل” الذي أعاد له الكاتب لشقر الاعتبار عن طريق هذه الرواية، بعد أن كان شخصية نالت نصيبها من التهميش التاريخي.

بعد ذلك، فسح المسير المجال للجمهور الحاضر الذين أغنوا النقاش بتدخلاتهم، وبعد التفاعل معها، تم المرور إلى توقيع الكتاب المحتفى به “منفي موكادور”، وأخذ الصور التذكارية مع الكاتب.

Exit mobile version