أقر “المجلس الوطني لحقوق الإنسان”، الذراع الحقوقي للدولة المغربية، بوجود حالات تعذيب في حق عدد كبير من معتقلي حراك الريف القابعين خلف القضبان، وعلى رأسهم قائد الحراك ناصر الزفزافي.
وأكد تقرير صادر عن المجلس على أن مزاعم التعرض للتعذيب التي أدلى بها معتقلو الحراك، هي “ذات مصداقية”، مشيرا إلى أن هذه المعطيات مدعومة بالعديدة من الأدلة والإثباتات، وذلك بعد إجراء فحوصات ومقابلات مع 19 معتقلاً بسجن عكاشة بالدار البيضاء، و16 معتقلاً بسجين الحسيمة، بالإضافة إلى متابع واحد في حالة سراح؛ وذلك يومي السبت والأحد 17 و18 يونيو المنصرم.
وأكد التقرير على أن المعتقلين لم يخبروا بحقهم في التزام الصمت خلال وضعهم رهن الحراسة النظرية أو الاتصال بأقربائهم أو تعيين محام أو الحصول على المساعدة القضائية، إضافة إلى توقيعهم على محاضر الضابطة القضائية دون الاطلاع عليها.
وأشار المصدر ذاته إلى وجود آثار تعذيب على أجساد المعتقلين، وذلك انطلاقا من شهاداتهم فضلا عن المعاينة الجسدية، وأورد التقرير في هذا الصدد أن هذه “الأفعال تتعارض مع الضمانات الدستورية الممنوحة لكل شخص موقوف أو معتقل”.
وشدد التقرير على ضرورة فتح تحقيق دقيق من لدن السلطة القضائية يشرف عليه أشخاص غير أولئك المرتبطين بهذا الملف، من أجل التحقق من أعمال التعذيب وضمان معاقبة المسؤولين على ذلك”، كما دعا إلى “ضرورة إجراء خبرة طبية ونفسية تُعهد لخبراء متخصصين في توثيق الدلائل المادية والنفسية للتعذيب طبقاً للمعايير الدولية، خصوصاً بروتوكول إستانبول؛ وهو عبارة عن دليل للتقصي والتوثيق التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية”.
وفجر التقرير حقائق مثيرة، من قبيل أن “المعتقلين الـ16 بالسجن المحلي عين السبع بالدار البيضاء، صرحوا، خلال لقاءاتهم مع الطبيب هشام بنيعيش، بأنهم كانوا ضحية سب وإهانة أثناء الاعتقال ونقلهم إلى مفوضية الشرطة بالحسيمة؛ وذلك بعبارات عنصرية من قبيل: “أولاد الصبليون”، و”بغيتو ديرو دولة ديالكم” وتهديد بالاعتداء الجنسي عليهم بإدخال زجاجات في مؤخرات”.
وفي ما يخص قائد حراك الريف ناصر الزفزافي، “فقد أكد للطبيب الشرعي أنه تلقى ضربة بواسطة عصا على رأسه، بالرغم من أنه يظهر مقاومة خلال التدخل لاعتقاله في منزل أحد أصدقائه، وتلقى ضربة في العين اليسرى وأخرى على مستوى المعدة، كما وضعوا عصا بين رجليه، وهو ما اعتبره اعتداءً جنسياً عليه”، وفقا لما جاء في التقرير ذاته.
وأورد التقرير أن “الفحص البدني والحالة النفسية لمعتقلي الحسيمة في سجن عكاشة خلص إلى تسجيل تماثل لبعض الجروح بعدما تلقوا العلاجات في الدار البيضاء، كما تم تسجيل جرح في فروة رأس ناصر الزفزافي بقطر سنتمترين إضافة إلى آثار الكدمات على وجهه. وأوضح أن الدلائل بخصوص مزاعم التعرض لسوء المعاملة كانت ظاهرة على الزفزافي بشكل أكبر”.
ودعا التقرير إلى “إجراء تقييم طبي عقلي بشكل عاجل وتوفير متابعة نفسية للمعتقلين المعنيين بالأمر”، كما دعا إلى “التحقيق بشكل معمق بخصوص أفعال منسوبة لضابط شرطة يدعى عصام، والذي جاء في شهادات أغلب المعتقلين”.
يشار إلى أن هذه الخبرة الطبية أشرف عليها كل من البروفسور هشام بنيعيش، وهو طبيب شرعي رئيس معهد الطب الشرعي بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بالدار البيضاء؛ والدكتور عبد الله الدامي، طبيب شرعي بمعهد الطب الشرعي بالمركز الاستشفائي لجامعي ابن رشد بالدار البيضاء.