بقلم عزالدين شملال
معاناة من رحم معاناة
قدر المواطن المغربي أن يعيش في هذه الدنيا حياة ممزوجة بالقهر والمعاناة، بل أصبحت المعاناة جزء لا يتجزأ من حياته..
كيف لا يصاب بالقهر من يعطي كل شيء لحياته الوظيفية براتب لا يسد حتى رمق عيشه، فما بالك بسد متطلبات حياته الأسرية..
كيف لا يموت بالهم من يفتح متجره يوميا ليوفر احتياجات المواطنين وعند مرضه يموت ذهابا وإيابا بين مستشفيات البلد لا يكاد يعثر على طبيب ودواء..
كيف لا يموت في اليوم ألف مرة من ينتظر خبر غرق أحد أبنائه الذي ركب البحر باحثا عن الفردوس المفقود..
كيف يهنأ من يستيقظ كل صباح على أنغام زيادة جديدة في إحدى المواد الأساسية دون سابق إنذار بينما راتبه ومدخوله – إن كان – لا يقبل الزيادة مدى العمر..
معاناة من صلب معاناة ورحم معاناة..
هذا في الوقت الذي يُطِلُّ علينا سياسيونا بتبريرات توضح لنا سبب الزيادات الراجعة إلى الأزمة العالمية، والجفاف الذي ضرب المنطقة بسبب التغيرات المناخية، والحرب الروسية الأوكرانية، هذا بطبيعة الحال دون أن يذكروا لنا من يستفيد بهذه الزيادات وبهذه الأزمات ويجعلها في جيبه الخاص على حساب معاناة المغلوب على أمرهم والبناة الحقيقيين لهذا الوطن..
لقد صرحت الأغلبية الحكومية في حصيلتها السنوية بإنجازات إيجابية تخص الحماية الاجتماعية والزيادة في الحد الأدنى للأجور وخصومات على مستوى الضريبة على الدخل، ودعم الفئات الهشة وأصحاب الدخل المحدود … وغيرها من الإنجازات التي طَبَّلَتْ لها الأحزاب الموالية للحكومة، واستمع لها المواطن المغلوب باستغراب شديد وذهول مُريب أمام اشتعال الأسعار وقلة ذات اليد، وانسداد الأفق وضبابية المستقبل.
عن أي إنجازات يتحدثون، وأُسَرٌ بأكملها تَلْفِظُهَا مياه البحر بشكل يومي وتُأَثِّثُ مشهدنا الإعلامي..
إن لم تَسِرْ حُكومتنا على خُطى الحكومات الأوربية في تدبير الأزمات وتذليل العقبات، بتكريس مفهوم الدولة الاجتماعية المنصوص عليها في دستورنا الحالي، وتمكين المواطن المغربي من كافة حقوقه، والتخفيف عنه بدعم المواد الأساسية والضرورية لتكون في متناول جميع المغاربة دون استثناء، وتوفير الشغل لمختلف الفئات العمرية، وتقريب الخدمات الطبية في المستشفيات الحكومية، وتجويد التعليم العمومي… إن لم توفر كل ذلك فلا داعي بأن تتحدث عن أي إنجازات للحكومة، وتترك المواطن يختار أي موتة تريحه من معاناته الأبدية.
فإما حياة كريمة تحفظ له ماء وجهه لتُحَوِّلَه إلى مواطن منتج وفعال، أو موت يفصله عن معاناته ويريحه من إنجازاتكم المزعومة..