متابعة :
تستعد الجالية المغربية، في غضون الأسابيع المقبلة، لدخول التراب الوطني في إطار عملية “مرحبا” لسنة 2024؛ وذلك تزامنا مع حلول عيد الأضحى واقتراب العطلة الصيفية السنوية، حيث من المرتقب أن يدفع حلول العيد هذه السنة باكرا الجالية إلى إعادة برمجة دخولها المغرب، خصوصا بالنسبة للعائلات التي ترتبط بالالتزامات الدراسية لأبنائها.
وعلى هذا النحو، عقدت اللجنة المختلطة المغربية الإسبانية المكلفة بعملية العبور البحري، الاثنين الماضي بطنجة، اجتماعا مشتركا خُصص لمناقشة ترتيبات إنجاح موسم عبور الجالية المغربية صوب بلدها الأم وبحث سبل ضمان تنقلها السلس، وسط توقعات بتسجيل أرقام مهمة هذه السنة.
وإلى جانب تأكيدها على حرصها المتواصل على قضاء العطلة الصيفية بالمغرب، لم تكن الجالية المغربية بالخارج لتخفي حاليا قلقها المتعلق بأسعار تذاكر السفر إلى المملكة، سواء عبر البواخر أو الطائرات، حيث لفتت إلى أن “الأسعار التي يتم اعتمادها خلال هذه الأوقات لا تلائم قدرات العائلات وتضعها أمام خيار إلغاء رحلاتها”، داعية إلى “اعتماد برامج خاصة بأثمنة هذه الفترة، بما يسمح للجالية المغربية بالعودة إلى المغرب والمساهمة في تحريك الدورة الاقتصادية الوطنية والمحلية”.
بالمقابل، سبق لمحمد عبد الجليل، وزير النقل واللوجستيك، أن أشار، ضمن جواب كتابي له عن سؤال برلماني، إلى أن “ارتفاع التذاكر تزامنا مع عودة أفراد الجالية إلى أرض الوطن يخضع لمبدأ العرض والطلب، في الوقت الذي جرى فيه اعتماد الحجز بشكل مسبق بالنسبة للخطوط البحرية لضمان الانسيابية”، موردا أن وزارته “قامت بتحسيس الشركات البحرية الوطنية والدولية لخفض التذاكر التي تقدمها”.
حضور الغلاء
فاطمة بالعربي، من الجالية المغربية بفرنسا، قالت إن “الجالية التي ستفِد على المملكة خلال هذه السنة تواصل استعداداتها، حيث إن عمليات الحجز انطلقت منذ مدة، سواء على مستوى البواخر أو الطائرات”، لافتة الانتباه إلى أن “الأثمنة المتداولة تثير عادة قلق عدد من الأسر التواقة لزيارة أرض الوطن، على اعتبار أن الأثمنة خلال الفترة تكون مبالغا فيها”.
وأضافت بلعربي، في تصريح لهسبريس، أن “مشكل أسعار النقل تقف حاجزا أمام العائلات التي تتكون من أربعة أفراد أو أكثر على سبيل المثال، خصوصا المتوفرة منها على إمكانيات محدودة، إلى درجة أن منها من تلغي العودة إلى المغرب مقابل ذهابها في سياحة إلى تركيا أو اليونان اللتين تقدمان عروضا مهمة سواء في التذاكر أو الإقامة خلال فصل الصيف”.
وبيّنت المتحدثة: “صرنا خلال السنوات الأخيرة نتحدث عن أثمنة تتراوح ما بين 300 و900 أورو للفرد للتنقل إلى المغرب، سواء على مستوى البواخر أو الطائرات؛ فالمبادرة الملكية التي تمت فيما مضى لقيت استحسان الجالية ومكنتها من الوصول إلى تراب بلادها بأمان، وهو الأمر الذي نأمل تكراره في الوقت الراهن، على اعتبار أن أسرا من أبناء الجالية تعول على المغرب للسياحة بالنظر إلى توفرها على مكان للإقامة هنالك”.
الإقبال والأسعار
مصطفى نظيف، من الجالية المقيمة بإيطاليا، أفاد بأن “القدوم إلى المغرب لقضاء عيد الأضحى أو العطلة المدرسية يظل ضرورة حتمية وطقسا اعتدنا عليه لسنوات؛ غير أن ما بات يعرقل استمرارية هذا الطقس هو الارتفاع الدائم الذي يسم أسعار تذاكر السفر عبر مختلف الوسائل المتوفرة، على اعتبار أن هذه الأثمنة ظلت مرتفعة خلال السنوات الأخيرة، على الرغم من الإقبال الكبير للجالية على زيارة المملكة”.
نظيف، الذي تقاسم إفادته في الموضوع مع هسبريس، زاد في هذا السياق: “الأسعار التي تعتمدها شركات الطيران أو شركات النقل البحري تضرب في صلب اشتغالنا كمهاجرين من الجيل الثاني والجيل الثالث على توطيد علاقة الجيل الحديث مع الوطن الأم”، متابعا: “نريد أن نرى اتفاقيات للحكومة مع هذه الشركات بهدف توفير رحلات بأسعار تفضيلية، فالأمر يهم ملايين من الجالية المغربية؛ فما ينتظرهم خلال الأسابيع المقبلة فيما يخص الأسعار أمر مقلق”.
مبادرات مرجوة
قاسم أشهبون مغربي مقيم بالديار الهولندية، وتحديدا بمدينة هارلم، أفاد بأن “أسعار النقل إلى المغرب تشكل مصدر قلق بالنسبة لأفراد الجالية الذين يداومون على زيارة المغرب كل سنة، وتحديدا خلال العطلة الصيفية”، مشددا على أن “هذا الموضوع ظل مطروحا خلال السنوات الماضية، ولم نلق جوابا له؛ باستثناء مبادرة ملكية لقيت ترحيبا كبيرا واستجابة من قبل الجالية، التي حجت إلى المغرب وقتها بكثافة غير مسبوقة”.
وتابع أشهبون، في تصريح لهسبريس: “سواء تعلق الأمر بالنقل عبر الطائرة أو البواخر انطلاقا من الموانئ، فإن الشركات تقدم خدماتها خلال فترة الصيف والأعياد مقابل رسوم غير ملائمة؛ فعلى سبيل المثال، تتجاوز تذكرة الطائرة إلى المغرب خلال الفترة الحالية 600 دولار؛ وهي أثمنة مرتفعة مقارنة مع ما توفره الدول الأخرى، خصوصا بأوروبا”.
واعتبر المتحدث أن “البواخر كانت، في وقت سابق، ملجأ للعائلات من أثمنة الطائرات المرتفعة؛ لكن يتضح اليوم أنها هي الأخرى لم تعد توفر تذاكر سفر بأثمنة معقولة”، موردا أن “الأجيال الحالية من الجالية باتت تفكر خارج صندوق العائلة والوطن، وصارت تتجه صوب دول أخرى تقدم امتيازات في مجال السياحة والإقامة”، خالصا إلى أن “الدولة مدعوة إلى اتخاذ خطو استباقية في هذا المنحى؛ بالنظر إلى أن الموضوع يلامس فئة مهمة من الحاملين لجنسيتها، ومن حقهم الاستفادة من أثمنة مناسبة”.